الثنائيات الضدية في شعر السياب
DOI:
https://doi.org/10.69844/tb5pvw03الكلمات المفتاحية:
الثنائيات، الضدية، شعر، السيابالملخص
يهدف البحث إلى دراسة ظاهرة الثنائيات الضدية لدى الشاعر بدر شاكر السياب بالاعتماد على المنهج البنيوي- الاستقرائي في محاولة لتتبع هذه الظاهرة في حياة الشاعر ومعرفة مدى شيوعها وانتشارها وقيمتها الفنية في شعره، والكشف عن العوامل والأسباب التي جعلته يرتكز عليها في بناء موضوعاته وصوره الشعرية، وبعد استعراض لحياة الشاعر وشعره توصل البحث إلى نتائج أهمها: أن الشاعر منذ نعومة أظفاره قد عاش حياة بائسة وهمومًا قاسية، وواجه صدمات نفسية عنيفة وتجرع ألم الفقد والغربة والفقر والحاجة وكابد مرارة الإخفاق والفشل مرارًا وأخيرًا عانى من مرض عضال ألم به وذاق خلاله ألوان العذاب ألماً وجراحًا وفقرًا وغربة وسفرًا مضنيًا للعلاج حتى توفي في أحد مستشفيات الكويت.
ولأن السياب حرم من حنان الأم وعطف الأب، وعاش الغربة والفقر في بغداد وظل يحن إلى قريته جيكور، ولأنه تعرض للسجن مرارًا وفصل من عمله تكرارًا بسبب مواقفه السياسية وأخفق في الحب فلم يوفق في امرأة تملأ عليه حياته، ففشل عاطفيًا كما فشل سياسيًا حين لم يثمر نضاله إلى ثورة تحقق طموحه، وفشل اقتصاديًا واجتماعيًا حين لم يستطع أن يؤمن دخلاً يضمن له حياة كريمة، ولأنه إنسان قبل كل شيء وهو شاعر طموح وذو حساسية مفرطه فقد كانت كل هذه عوامل وأسباب جعلته يعيش صراعا رهيبا بين ثنائيات متضادة وكان صراعه بين الأمل واليأس دائمًا ما يسلمه إلى الإخفاق والفشل واليأس.
ومن مجمل هذه المؤثرات نستطيع أن نفسر ذلك التمزق النفسي، وصراع المتضادات الذي شاع في شعر السياب، والذي هو انعكاس للاضطراب الفكري والسياسي والاجتماعي والاقتصادي في المرحلة الأولى من حياة الشاعر ثم ينتظم معها العامل الصحي في المرحلة الأخيرة من عمره ليزيد من فجوة ذلك التوتر حيث ظل يصارع المرض حتى مات.
لقد شكلت الثنائيات الضدية محاور أساسية أقام عليها السياب شعره وبنى على أساسها مواقفه وأفكاره وصوره الشعرية ومن هذه الثنائيات: ثنائية (القرية والمدينة - الأمل واليأس- الخير والشر- الإيجابية والسلبية- الحرية والجبرية- الثورة والاستسلام- السلام والحرب- الغربة والوطن- الماضي والحاضر- الحياة والموت... فضلا عن ثنائية الشكل والمضمون) وهي ثنائيات تمثل انعكاسا لحياة الشاعر وواقعه في صراعه مع الحياة وظروفها وقد أسهمت في توليد طاقته الشعرية وأكسبت شعره الخلود والتأثير، حيث ظل الشاعر يستمد من تلك الثنائيات وقود شعره، فتعتصره ازدواجيات وثنائيات أليمة، تحترق بها نفسه ليوقد منها شموع قصائده الحزينة أغنيات ومراثي تختزل عواطف أمة كاملة، وهي وإن كانت تعكس مشاعر وأحاسيس خاصة بالشاعر لكنه استطاع أن يكسبها صفة العمق والشمول لتصبح عامة بين بني الإنسان.